منهاج مدرسة الترجمة

وِجهة برنامج الترجمة:

المدرسة هذه جهدٌ تعاوني يبتغي طرح مواقف ممارسيّة ونظريّة هي عبر-تخصّصيّة وتقيم التصوّرات المفاهيميّة لممارسة الترجمة من حيثيّة نسويّة ماركسيّة. تستند (المدرسة) إلى الخبرات العمليّة لدى فريق الترجمة في مجلّة "كحل"، والاشتباكات المنهجيّة في مخاض الترجمة للمجلّة، وكذلك إلى أدبيّات اللغة والأدائيّة. وتتطرّق أعمال الترجمة المختارة إلى مسألة الجندر في العالم الناطق بالعربيّة، وإلى تعميم وترويج المعرفة الاستعماريّة واقتلاعيّتها، كما إلى منحنيات الصراع بين الطبقات في صلب الحركيّات المضمّنة داخل المواضيع سالفة الذكر، وهو أمرٌ لم يَلقَ كامل حقّه من البحث والدراسة بعد.

إنّ طرح سؤال الترجمة من منظورٍ "نسوي – عربي1 – ماركسي" يستدعي معاودة قراءة مقاومة الشعوب المستعمَرة وتلك التي استقلّت عن الاستعمار (الإداري) – المقاومة من خلال اللغة مَثَلًا؛ كما في الخروج ضدّ النُظُم الاستبداديّة. يمكن الاهتداء إلى هذا الإرث من ثنايا أدبيّات التحرّر الوطني زمن الستينيّات، وفي مِنَح دراسات الجندر في الجنوب العالمي، في النظريّة الكويريّة، وفي فروع الدراسات المناهضة للاستعمار، وفي إنتاج المعرفة في ظلال الثورات والنزاعات الداخليّة المناهضة للفاشيّة. نسعى إلى استبيان مسائل عدّة، على سبيل المثال: مفاعيل الاستعمار (الاستيطاني) والامبرياليّة والاستبداد والحرب في قولبة سوق إنتاج المعرفة في المنطقة. كما أنّنا نرى في التناحر على اللغة العربيّة، كأداة وميدان للمعرفة والاستصلاح، تناحرٌ طبقيّ2وبناءً على خلفيّات عمّالنا التقاطعيّة، نسعى أيضًا إلى التطرّق لِدَور الثورة واللجوء (الهويّة المهجريّة3 ) إمّا في مقارعة وإمّا في تأبيد القهر اللغويّ والمعرفيّ في ظلّ رواج (إعادة) إنتاج المعرفة المُمَأسَسة وتعميمها وشرعنتها.

يتوزّع برنامجنا المسترشد بالممارسة على ثلاث شُعُبٍ رئيسيّة. في الشعبة الأولى ننطلق في تحليل قراءات الهياكل القاعديّة والأطر التأويليّة التي تبلور فهمنا لـ"المترجم (العربي)" اليوم ومنها انعتاق وضعيّة المترجم كعامل في قطاع إنتاج المعرفة النيوليبيراليّة. بناءً عليه، نباشر في تفكيك الثنائيّات البنيويّة – من قبيل: عمليّة الإنتاج وإعادة الإنتاج المكروهة؛ الموضوعيّة والانعكاسيّة؛ الأصلي والمشتقّ؛ المنهجيّة والايديولوجيّة إزاء التطبيق العملي. نتفحّص في الشعبة الثانية العلاقة بين نظريّة الجندر والنسويّة وإنتاج المعرفة من ناحية واللغة العربيّة المتجسّدة في شخص المترجمة المغيَّبة كعاملة وصاحبة وكالة ذاتيّة مشتغلة في خلال النصّ المترجَم وفي مواجهته من ناحية أُخرى.

عُومِلَت اللغة العربيّة وتشعّباتها الشائعة (الصِيَغ العامّيّة) وكأنّها جسمٌ عديم الروح في نقل الخطاب وإعادة بناء الثقافة و/أو اقتلاعها؛ وأُخضِع كتّابها ومترجميها بالضبط والربط من خلال سياسات التمويل ونُظُم التعنيف الرمزي، ممّا أودى إلى غُربة الطبقة العاملة عن لغتها (الموصومة بتوصيف "الخرابة المهجورة" في "الشرق الأوسط"، معلّقة في ماضٍ بعيد أو في حاضرٍ بليد). يشكّل هذا التصوّر البانورامي إحدى ركائز حواراتنا البنيويّة التعاونيّة. بهذا الصدد، تستثير الشعبة الثالثة مسألةً منهجيّةً أُخرى: يجري التنظير في اللغة والترجمة من طريق التوصيات المعاصرة في المعاجم الاصطلاحيّة ونصوص العمّال المترجَمة مع نقدهم في الترجمة. وفي كلّ شُعبٍ من برنامجنا وتقاطعاته نصادِق ونلازم نقدنا لحاضرنا الاستعماري ولِمأسَسة إنتاج المعرفة الاستعماريّة المستحدثة للمستوطنين وللشمال العالمي.

نبتدي ونختتم مقاربتنا بالسؤال:

كيف ومتى تصبح الترجمة منهجيّةً للمقاومة والنقد الثوريّ، بدلًا من كونها صنيعة إعادة إنتاج بورجوازيّة ودعّامة للهيمنة؟ كيف ومتى يفرّ المترجم من أقفاص الوعي الرثّ، ويجعل نفسه قَوّامًا بالوعي الطبقي والتحرّر الوطني؟

 

يتشبّث البرنامج بالحقّ في الإعراض عن اتّخاذ هيكل متّسق بالمعايير الأكاديميّة. إذ نلتزم بمقاربات عبر-تخصّصيّة ومناوئة للتخصّصيّة، تصبو نحو التأريخ الاجتماعي والتنظير والتنظيم التعاوني. وبذلك نأمل في إحداث انقلاب يذهب بممارسة الترجمة نحو الأخذ بها كأداة في استصلاح المعرفة.

 

الفئات المستهدفة:

  • المُزاوِلون والمُزاوِلات والعمّال المستجدّون/ات في الترجمة إلى العربيّة
  • طلّاب الجامعات الحكوميّة في حقول علم الاجتماع والعلوم السياسيّة (نولي الأولويّة للرفيقات والرفاق من الجنوب العالميّ)
  • طلبة الترجمة من عالم الجنوب
  • الكاتبات الناطقات بالعربيّة حول قضايا الحركات الاجتماعيّة والجندر والجنسانيّة والاستعمار
  • الباحثات والباحثون والكتّاب المستقلّات/ون
  • التعاونيّات السياسيّة غير المِطواعة لهياكل المجتمع المدني ولغته المهيمنة

 

مقاصد الدراسة:

  • الإلمام بالنقد النسوي الماركسي الموجّه نحو صَنعة وسوق الإنتاج المعرفي في العالم الناطق بالعربيّة
  • الحياكة الجماعيّة لأدبيّات تتطرّق إلى مسألة الترجمة كأداة للتحرّر الفكري في زمن الاستعمار المتعدّد والمآزق الاقتصاديّة
  • استصلاح وإعادة هيكلة الأدوات المنهجيّة للنهوض باللغة، وكذلك تقنيّات الترجمة التي تؤازر المترجمات والمترجمين في إعادة توكيد مقصديّتهنّ/م القِواميّة في النصّ عِوَضًا عن وضعيّة الببّغائيّة المسلّعة للنصّ الأصلي
  • صوغ قارئ للترجمة مناهض للاستعمار ومشتبك مع برامج الترجمة السائدة في الجامعات الخاصّة في لبنان
  • الدفع نحو عقد مشاورة جماعيّة وانتظام تدرّجي بين صفوف المترجمات والمترجمين والكاتبات والكتّاب (في الميادين المتعدّدة) المستمسكات/ين بالعروة النسويّة الماركسيّة
  • تسخير الحركيّات المتشابكة داخل المدرسة في استحداث مصدر مرجعي منفتح ومتاح للجموع الناطقة بالعربيّة كي يتسنّى لها تحصيل المرتكزات الممارسيّة لعمليّات الترجمة التحرّريّة
  • 1استعملنا مصطلح "عربي" برويّةٍ وتأنٍّ لأنّنا ندرك المحدوديّة الحاليّة للمدرسة فيما يخصّ وضعيّة اللغة العربيّة وهيمنتها في المنطقة.
  • 2انظر على سبيل المثال في المصادمة والقطيعة مع اتّخاذ مهدي عامل ركيزةً في استيعاب التحليل الطبقي.
  • 3 وهذا كذلك انعكاسٌ لتركيبات مترجمي اللغة العربيّة المعاصرة في الطبقة العاملة.
Soundcloud