عن الترجمة والاغتراب والعلاقة باللغة الأم: ماذا يتبقّى عندما نفقد "تقريباً" كلّ شيء؟

 

"ما نحن إلا علامة، ولا معنى لنا،
مات إحساسنا بالألم، وفقدنا تقريباً

لغتَنا في البلاد الغريبة"1

"منيموزينا"، هولدرلين

 

تدعونا "كحل"، كلّ مترجم من موقعه، إلى التفكير بالترجمة وأثر المترجمين ومساراتهم المختلفة. وإذ أفعل ذلك باعتباري بدأتُ الترجمة بعد انتقالي من لبنان إلى فرنسا، تتبدّى لي في علاقتي بها مرحلتان رئيسيّتان: الانتقال من بلد المنشأ إلى بلد الاغتراب، ومن النقد الأدبي إلى الترجمة. وهما مرحلتان لا تتلاحقان بقدر ما تتزامنان وتتقاطعان، وحركة العبور التي تَسِم كلّاً منهما، والتي هي الاستعارة القصوى عن الترجمة، تختصر علاقتي بالهوية وفهمي للّغة وارتباطي بالأمكنة. في ما يلي محاولة لاستعادة بعضٍ من أثر هذه الطريق على ضوء قراءاتي في الترجمة ونظرياتها.

 

من بلد المنشأ إلى بلد الاغتراب

في مقال بعنوان "هل فقدنا حقاً لغتنا في الغربة؟"2  يناقش مارك نيشانيان، مسألة فقدان اللغة الأم في في الغربة عند هولدرلين، من خلال تجربة اللغة التي كفّت عن ترجمة العالم. يتوقّف عند قصيدة "منيموزينا" المذكورة في كتاب أنطوان بيرمان الشهير "تجربة الغريب: الثقافة والترجمة في الرومنطيقية الألمانية"3 ، ويحلّل مسألة الفقد الكارثي للغة، وإن يكن فقداً تقريبياً، وما يستتبعه من حِداد يتيح إمكان البناء على أساس هذه البقية التي تلخّصها مفردة "تقريباً" الهولدرلينية في قوله: "[...] وفقدنا تقريباً / لغتنا في البلاد الغريبة". من جهتي، تستوقفني هذه المفردة على نحوٍ آخَر فأتساءل: ما الذي يتبقّى من لغتنا عندما نترك البلد الذي نشأنا فيه وماذا نكتسب في البلاد الجديدة؟ وبين ما نفقده وما نكتسبه، ما الذي نصير عليه؟ أفكّر بالتحوّل الذي أصاب لغتي العربية في فضاءٍ غير عربي وكيف كانت الترجمة المكان الذي انعكس فيه هذا التحوّل وساهم فيه. أنتبه لما حصل لتلك اللّغة الآتية من الريف اللّبناني، المشبعة بعربية الكتاب المقدّس وكتب الليتورجيا، وهو أوّل احتكاك بالفصحى قبل المدرسة وبالتوازي معها، ثم جبران خليل جبران ومارون عبود وميخائيل نعيمة، وبعدها مرحلة العمل الصحافيّ وتعلّم الدقة والإيجاز ونبذ الزخرفة ثم اكتشاف قصيدة النثر والرواية العربية المعاصرة.

فهل أكسبتني الترجمة في الغربة لغتي؟

هل كانت علاقتي بالعربية ستكون هي نفسها لو بقيتُ في لبنان؟ لا أعتقد ذلك. فالغربة أحدثت تحوّلاً في لغتي الأم، والترجمة إلى العربية في فضاء أجنبيّ جعلت عربيّتي تسائل نفسها. ففي الغربة، تكفّ اللغة عن أن تكون مُعطى غير مفكّر فيه. كتب هولدرلين: "الخُصوصي يجب أن نتعلّمه أيضاً على غرار الغريب/الأجنبي". ومثلما أعدتُ تَعَلُّمَ الفرنسية في فرنسا، وانتقلتُ من الفرنسية الكُتُبية إلى فرنسية التواصل اليومي والكتابة، هكذا تعلّمتُ العربية من جديد أيضاً بإعادة اكتشافها في فضاء غير عربي. يعتبر هولدرلين أن الوصول إلى الذات لا يتمّ إلا عبر المرور بالآخَر، وأنا أقتربُ كل يوم أكثر من العربية كلما مررتُ باللّغات الأخرى التي أترجم عنها. كان هذا سبيلي حتى "لا يلتهمني الوطن ولا تحرقني الغربة" (التعبير لهولدرلين).

يبيّن بيرمان كيف يقطع هولدرلين مع الفكر التقليدي الذي يجعل من الغربة محطّة تمهّد للعودة. فبالنسبة له، الوطن والغربة كلاهما خطر داهم يهدّد بالتهام "الأنا". ولا نجاة إلا في السير صوب الوطن والغربة في عملية متزامنة تتغرّب فيها "الأنا" من دون أن تضحّي بالوطن، وتعود إلى الوطن من دون أن تخسر الغربة. هكذا تحمي الغربة "الأنا" من الوطن ويحمي الوطن "الأنا" من الاحتراق بالغربة. فعندما نتعلّم الأجنبي نكتسب مسافة مع الذات، فيكفّ الخصوصي عن أن يكون هو الأصل، ويصير الأصل هو العلاقة بين الخصوصي والأجنبي. هكذا نتعلّم الخصوصي والغريب في الأوان ذاته، في عملية مزدوجة كما يصفها بيرمان في حديثه عن هولدرلين، يتزامن فيها "اختبارنا للغريب" مع "تعلّم الخصوصي" (الوطن، اللغة الأم)4 . فالعودة عنده لا تلي الغربة مثلما أن الغربة ليست شرطاً للعودة، بل يحصل الأمران بشكل متزامن5 .

أثق بأن الترجمة كانت لي بمثابة الدرع التي أنقذتني من فقدان لغتي في الغربة. لكن العربية التي ترافقني في فرنسا ليست العربية التي تركتُها في لبنان. وبين بلد المنشأ وبلد الاغتراب، أشعر اليوم، وبعد انفجار الرابع من آب خصوصاً (إنفجار مرفأ بيروت، 2020)، أن وطني الوحيد هو العربية كما أعدتُ اكتشافها في باريس أثناء الترجمة. أليست اللّغة الأم هي "ما يتبقّى"، على ما تقول حنة أرندت في ردها على سؤال غونتر غوس حول ما تبقّى من علاقتها بأوروبا ما قبل هتلر؟6

أعود إلى قصيدة هولدرلين. منيموزينا هي إلهة الذاكرة عند الإغريق. يُنسَب إليها أيضاً اختراع الكلمات واللغة7 ، أنجبت من زيوس ربّات الإلهام التسع وتزعم بعض المراجع أنها مَن أعطى اسماً لكل شيء وجعل التعبير ممكناً. أتكون الترجمة في الغربة، كما اختبرتُها، نوعاً آخر من التذكّر ينقذنا من البكم والغرق في الصمت؟ تذكّرٌ لا يكتفي باستعادة حالة ماضية من اللّغة بل يساهم في ابتكار ذاكرة لغوية جديدة، في محاولة لإعادة خلق لغتنا الأصل. أو بالأحرى إلى إزاحة الأصل وإعادة موضعته، ليكفّ عن كونه مكاناً آخَر بعيداً نستدعيه في كل مرّة فيصير عملية التواصل هذه بين ماضي اللّغة المألوف وحاضرها الغريب.

 

من النقد الأدبي إلى الترجمة

أقول أحياناً إنني جئت إلى الترجمة من النقد الأدبي، إلا أن فعل "جاء" ليس دقيقاً هنا. فهو يفترض الانتقال من نقطة إلى الأخرى، وأنا رغم أنني قد مارستُ النقد قبل الترجمة، فلطالما قمتُ بالعمليّتين بشكل متزامن بوصفهما رديفين لفعل القراءة نفسه الذي يتشكّل خلاله المعنى. المعنى لا بوصفه مُعطى مخفيّاً داخل النص على المترجم اكتشافه، بل بما هو عملية بناء يقوم بها القارئ/المترجم. كل قراءة وكل ترجمة هما إعادة تفعيل للمعنى، فالنص لا يكتسب معناه من ظروف كتابته وسياقها وحده بل من ظروف القراءة وسياقها أيضاً.

كان الألماني شلايرماخر من أوّل من ربطوا الترجمة بالهرمنوطيقا أو التأويليّة، باعتبار أن كليهما يستند إلى ثنائية المألوف والغريب. يذكّر لورنس فينوتي في مقال8  له بإرث شلايرماخر الذي اعتبر أن الهرمنوطيقا هي "فهم خطابٍ غريب"9 ، فوسّع ميدان التأويلية، من ميدان يُعنى بالعبور من حالة أولى إلى حالة ثانية في اللغة نفسها، لتصير معه العِلْمَ الذي يحاول إزالة سوء الفهم عندما يكون مسرحه اللّغة والكتابة. كثرٌ من بعده تناولوا الموضوع من هذه الزاوية. وعندما يكتب جورج ستينير في "بعد بابل"10 : "أن نفهم هو أن نترجم"، أشعر أنني حدستُ بهذا قبل أن أقرأه.

بول ريكور أيضاً فهم الترجمة بوصفها مرتبطة بعملية الفهم والتأويل. وفي كتابه الصغير "عن الترجمة"11  الذي يجمع ثلاث مقالات12  عن هذا الموضوع، يفرّق بين الترجمة بمعناها الحرفي والدقيق، أي نقل رسالة لفظية من لغة إلى أخرى، والترجمة بمعناها الأوسع بوصفها مرادفاً لعملية تأويل كل وحدة دالة داخل الّلغة الواحدة. ولما قرأتُه انتبهتُ إلى أنني عندما أكتب النقد الأدبي، فأنا أترجم من دون أن أدري. فالترجمة بوصفها سؤالاً عن الخصوصي والأجنبي بين لغتين، موجودة أيضاً في اللّغة الواحدة وهو ما يُسمّى "الترجمة الداخلية" التي تكشف عن انزياح مشابه بين القارئ والنص.

إن كل تواصل مع الآخَر هو ترجمة في نظر ريكور. إذ لا يكفي أن نتكلّم اللغة نفسها لكي يكون عالمنا السيميائي والدلالي واحداً. هنا يصير كلّ آخر غريباً وكل ترجمة رغبة في فهم الآخَر وفي الانفتاح على رؤيته للعالم.

في المقالة الأولى من الكتاب وعنوانها "تحدّيات الترجمة ونجاحاتها"، يتحدّث ريكور عن l’épreuve de l’étranger، أي "تجربة/محنة الغريب"، مستعيراً عنوان أنطوان بيرمان الشهير، ليتناول مثله موضوع الترجمة من خلال علاقة الخُصوصي بالغريب، ومستخدماً اللّفظة الفرنسية بمعنييها المُمكنين (أي "محنة" و"تجربة") ليبيّن عن معضلة الترجمة وصعوبتها بوصفها عملية مستحيلة، لكن "لأنها موجودة، يجب أن تكون ممكنة13 .

يدعونا ريكور إلى أن نتخلّى عن فكرة المطابقة التامة، أن نقبل الخسارة أو بالأحرى النجاح الجزئي. أن نقبل فكرة عدم وجود ترجمة مُثلى ونعترف بأن ثمة فروقاً يستحيل تجاوزها بين الخُصوصي والغريب. لكن غربة الإنسان عن أخيه ليست تامة ولا يجدر بالمترجم أن يتخلّى عن فكرة السير باتجّاه الآخَر من أجل لقائه فـ"رغم أن البشر غرباء بعضهم عن بعض، إلا أنهم في الآن ذاته متشابهون دوماً"14 . وهذا التخلي عن فكرة الترجمة المثالية هو تحديداً ما يجعل الترجمة ممكنة. الترجمة بحسب ريكور هي أن تقود غريبين واحدهما صوب الآخر في لقاء يحترم خصوصية كلٍّ منهما. فيستعير لذلك مصطلح الضيافة Gastfreiheit من شلايرماخر ليصل إلى ما يسمّيه "تعادلٌ من دون مطابقة". وهذا ما ينبغي في رأيي أن يشكّل منطلق كل من الترجمة والنقد سواء بسواء.

يقول ريكور أيضاً: "أن نفهم [نصّاً] هو أن نفهم أنفسنا أمام هذا النص. لا يعني هذا أن نفرض على النص قدرتنا الخاصة المتناهية على الفهم، ولكن أن نتعرّض للنص ونتلقّى منه ذاتاً أوسع"15 . تأويل الآخر هو هنا وسيلة لفهم الذات.

لكن ما لا يتطرّق إليه ريكور هو علاقات القوة، وأن الترجمة نادراً ما تكون بين غريبين متكافئين.

 

عن اللغات غير المتكافئة

قادتني أبحاثي عن الصمت والكلام في سياقات الهيمنة إلى دراسات التابع، وفهمت أن سؤال اللغة لا يمكن مقاربته من دون أن نأخذ بالاعتبار علاقات القوة. هومي بابا16  وغاياتري سبيفاك17  انتبها قبل سواهما إلى البُعد السياسي في الترجمة لا سيّما في سياق حقبة ما بعد الاستعمار. أكّد كلاهما على ضرورة عدم طمس الخصوصي والغريب في ترجمة أدب المستعمرات السابقة إلى الإنكليزية. فأعاد بابا البحث في مفهوم الترجمة نفسه باعتبارها استعارة عن "البين بين" حيث يتموقع المهاجرون واللاجئون وعابرو الحدود، تلك "الكائنات المترجمة"18  بتعبير سلمان رشدي. أن تترجم الغريب، يعني أن تعي أن النص الأصلي يحوي صوتاً غيرياً لا يجب طمسه. يرى هومي بابا، أنّ الثقافة ليست مُعطى ثابتاً ونهائياً، بل هي في حراك دائم، وعلى المترجمين أن ينظروا من زاوية الأقلية في مسعى تتخطى فيه الثقافة حدود الوطن وتعيد تعريف المنفى. وفي هذا التصوّر عن الثقافة، تلعب الترجمة دور الشاهد على نشوء هويات جديدة فتُدخل إلى اللغة الوعي بالتعدّد وبإمكان بناء مكان ثالث قائم على الهُجنة.

أما سبيفاك فأرست، من خلال ترجماتها للكاتبة البنغالية ماهاسفيتا ديفي، أخلاقية للترجمة تأخذ بالاعتبار عدم التكافؤ بين الثقافات وهيمنة الإنكليزية، بين لغة المركز واللغات الهامشية. ترجمة تصغي بعمق إلى النص وتحافظ على طبقاته اللغوية، على لحظات النشاز والتنافر فيه: "كيف تكون المترجمة متنبّهة لخصوصية اللغة التي تترجمها؟ في مكان ما، الطبيعة البلاغية في أي لغة تزعج منطقها المنتظم. فإذا ما شدّدنا على المنطق على حساب التداخلات البلاغية ظللنا في أمان. و"الأمان" هي الكلمة المناسبة هنا، لأن الموضوع يتعلّق من بابٍ أولى بالمجازفة والعنف الممارس على اللّغة أثناء الترجمة"19 . تقدّم لنا سبيفاك ورقة طريق لتفادي "أدبٍ عالميّ" موحّد الأسلوب.

من أجل ذلك، يدعو لورنس فينوتي20  إلى جعل عمل المترجم مرئياً، وإلى الخروج من أيديولوجيا الشفافية، وإلى تسليط الضوء على علاقات القوة الكامنة في عملية الترجمة. فهي ليست مجرّد عملية تبادل ثقافي متكافئ دوماً، بل إنها تضع المشتغلين فيها ومتلقّيها في مواجهة دائمة مع يقيناتهم الهوياتيّة، فيصير سؤال "من نحن ومن أين نترجم؟" سؤالاً أساسياً في العملية الترجمية21 . يربط فينوتي تهميش المترجم وعمل الترجمة باستراتيجيات "التوطين" (خلافاً للتغريب) التي تنتهجها اللغات المركزية عندما تترجم لغات الأطراف بدعوى المقروئية، فتعتّم على عمل الترجمة وعلى الطابع الغريب في النص الأصلي. على خطى بيرمان، يهاجم فينوتي التقليد الأنكلوساكسوني في الترجمة الذي يعطي الأولوية للمقروئية على حساب غرابة الغريب. يفرض هذا المنهج على المترجمين ألا يتركوا أثراً خلفهم، وهو أمرٌ يمليه موقعُهم الاقتصادي والقانوني والرمزي الهش، مما يعزّز من علاقات القوة بين هذه البلدان والثقافات التي تترجَم إلى الإنكليزية.

بالنسبة لفينوتي، الترجمة فعل سياسي وثقافي عنيف بطبيعته، وهي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز القواعد الأدبية والمفاهيم الثقافية واليقينات الهوياتية والعلاقة بالثقافات الأخرى. لكنه لا يتوجّه فقط إلى المترجمين، بل يحثّ القرّاء أيضاً على الحذر من المقاربات المتمركزة إثنياً، ويدعوهم لقراءة النصوص المترجمة بطريقة تعترف بالفروق اللّغوية والثقافية في النصوص الأجنبية.

الجواب إذن هو في الخروج من المركزية لإعطاء مساحة للأصوات الهامشية. وذلك على خطى جاك دريدا وسؤاله بخصوص ترجمة جيمس جويس: "كيف نترجم نصاً مكتوباً بأكثر من لغة في الأوان ذاته؟ كيف "ننقل" أثر هذا التعدّد؟ ماذا لو ترجمنا بأكثر من لغة في الأوان ذاته؟ هل يعتبر هذا ترجمة؟"22 .

يبقى هذا النص طور الكتابة والتفكير. لكنني أختتم هنا بالعودة إلى هولدرلين والكيفية التي فهم بها العلاقة بين الخصوصي والأجنبي، والترجمة بما هي مساحة استضافة للغريب. ترجمة تفسح المجال للغة توسّع مكاناً للعامية، ولاستخدامات محلية وهامشية، وتعيد تفعيل مفردات كلاسيكية لتضخّ فيها حداثة جديدة. أما سؤال علاقات القوة فيبقى بمثابة تنبيه قائم دوماً في الخلفية، يحذّر المترجم من اختلال الموازين والغرق في سذاجة مفرطة وفي وهم التكافؤ في عالم غير متكافئ.

  • 1Hölderlin, Friedrich. Sämtliche Werke, vol. II. Stuttgart: 1953, p. 204.
  • 2Nichanian, Marc. « Avons-nous vraiment perdu la langue à l’étranger? », TTR, 14(2), 2001, 141-166.
  • 3 Berman, Antoine. L’épreuve de l’étranger : culture et traduction dans l’Allemagne romantique, Gallimard, Essais, Paris, 1984.
  • 4Ibid., p. 258.
  • 5Ibid., p. 256.
  • 6https://www.youtube.com/watch?v=dVSRJC4KAiE
  • 7Paveau, Marie-Anne. "Mnémosyne, mère du discours". La pensée du discours [Carnet de recherche], 30/08/2013.
  • 8Paveau, Marie-Anne. "Mnémosyne, mère du discours". La pensée du discours [Carnet de recherche], 30/08/2013.
  • 9Schleiermacher, Friedrich. 1987 : 170.
  • 10Steiner, George. After Babel, Aspects of Language and Translation. Oxford University Press, London, New York, 1975.
  • 11Ricœur, Paul. Sur la traduction. Bayard, Paris, 2004.
  • 12"Défi et bonheur de la traduction" [1997], "Le paradigme de la traduction" [1998], "Un 'passage' : traduire l’intraduisible" [2004]
  • 13Ricœur, Paul. 2004 : 29.
  • 14Ricœur, « Civilisation universelle et cultures nationales », Esprit, 1961 : 451.
  • 15Ricœur, Du texte à l’action. Essais d’herméneutique II, Paris, Seuil, 1986: 116-117.
  • 16Bhabha, Homi. The Location of Culture. Londres/New York: Routledge, 1994.
  • 17Spivak, Gayatri Chakravorty. "The Politics of Translation." In Outside in the Teaching Machine. New York/Londres: Routledge, 1993, pp. 179-200.
  • 18Rushdie, Salman. Imaginary Homelands. London: Granta Books, 1991: 17.
  • 19Spivak, op. cit., p. 180. Spivak, op. cit., p. 180.
  • 20Venuti, Lawrence. The Translator's Invisibility. A History of Translation. London/New York: Routledge, coll. "Translation Studies" 1995.
  • 21Cf. Simon, Sherry. "La culture transnationale en question : visées de la traduction chez Homi Bhabha et Gayatri Spivak." Études françaises, vol 31, n°3, 1995, pp. 43–57.
  • 22Cf. Simon, Sherry. "La culture transnationale en question : visées de la traduction chez Homi Bhabha et Gayatri Spivak." Études françaises, vol 31, n°3, 1995, pp. 43–57.